تعيش محافظات الضفة الغربية حالة من التوتر في ظل استمرار العمليات العسكرية التي يشنها الجيش الإسرائيلي منذ أسابيع ضد مسلحين يصفهم بـ"الخلايا الإيرانية" في المنطقة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، أنه قتل شابين قال إنهما هاجما جنوده بزجاجات حارقة في حادثتين منفصلتين وقعتا في الضفة الغربية المحتلة، بينما قالت وزارة الصحة الفلسطينية إن القتيلين في السابعة عشرة والثامنة عشرة من العمر.

وخلال الشهر الماضي، سُجلت عدة حالات قُتل فيها فتيان وشبان أثناء مواجهات ليلية في مدن وبلدات مختلفة، الأمر الذي أثار غضبًا واسعًا بين العائلات الفلسطينية التي وصفت ردّ الجيش الإسرائيلي بأنه "مفرط وقاتل" مقارنة بحوادث سابقة كانت تنتهي غالبًا بالاعتقال أو الإصابات المتوسطة.
وتقول عائلات الشبان إن أبناءهم لم يشكّلوا خطرًا يستدعي إطلاق النار المباشر، معتبرين أن ارتفاع حدّة الرد الإسرائيلي يعكس سياسة جديدة تم اتباعها منذ اندلاع الحرب في غزة. ويؤكد عدد من أولياء الأمور أن أبناءهم يشعرون بأن أي احتكاك قريب من القوات قد يتحول فجأة إلى مواجهة قاتلة.

في المقابل، يكتفي الجيش الإسرائيلي بالتأكيد في بياناته أن عناصره "ردّوا على تهديد مباشر" خلال عمليات ليلية في مدن وبلدات شمال الضفة، وأن إطلاق النار جاء بعد استخدام الشبان "زجاجات حارقة وأدوات خطرة" ضد القوات.
وتتزامن هذه التطورات مع استمرار الجيش الإسرائيلي في تنفيذ حملات دهم واعتقال شبه يومية، تُبرَّر غالبًا بالبحث عن خلايا مسلحة توصف بأنها مرتبطة بمحور إقليمي.

ويقول المحلل السياسي الفلسطيني حسن سوالمة لـ"أخبار الشرق" إن "التشدد في قواعد الاشتباك بات ملحوظًا خلال الأشهر الماضية، والنتيجة هي ارتفاع عدد القتلى من الفتيان". ويضيف أن "الضفة الغربية أصبحت تعيش حالة توتر مركّب: عمليات عسكرية مستمرة، جيل شاب يشعر بالغضب والإحباط، وغياب أفق سياسي يخفف من الاحتقان".

ويرى أهالٍ ومسؤولون محليون أن حالة الخوف باتت واضحة بين العائلات، إذ يخشى الكثيرون من أن يجد أبناؤهم أنفسهم في مرمى النار خلال أي مواجهة عابرة. وتقول إحدى الأمهات من مدينة طوباس: "أصبحنا نخاف عليهم حتى عندما يذهبون إلى الدكان. أي صوت اشتباك أو جيب عسكري يجعل القلب يتجمد".

ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، تم تهجير أكثر من 6,400 فلسطيني قسرًا منذ أكتوبر 2023 بسبب هدم منازلهم، بينما أدت العمليات العسكرية في شمال الضفة إلى نزوح نحو 40 ألف فلسطيني من مخيمات جنين وطولكرم نتيجة العمليات الإسرائيلية المكثفة منذ مطلع العام الجاري.

وتتزامن هذه التطورات الميدانية مع تدهور حاد في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، خصوصًا بعد قرار الحكومة الإسرائيلية منع العمال الفلسطينيين من دخول إسرائيل منذ أكتوبر 2023، وهو القرار الذي حرم أكثر من 150 ألف عامل من مصدر رزقهم الرئيسي.
وكان نحو 177 ألف عامل فلسطيني من الضفة يعملون داخل إسرائيل قبل الحرب، معظمهم في قطاع البناء، حيث شكّلت أجورهم ما يقارب 20% من الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني. ويؤكد خبراء أن استمرار المنع أدى إلى ارتفاع البطالة إلى أكثر من 30%، وتراجع النمو الاقتصادي بنحو 20% خلال عام واحد.

وفي خطوة وُصفت بأنها الأشدّ منذ بدء الإغلاق، أقرّ وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش خطة نهائية لاستبدال العمال الفلسطينيين بآلاف العمال الأجانب من دول آسيوية، ما أثار غضب نقابات العمال الفلسطينية التي اعتبرت القرار "تجويعًا ممنهجًا ومقدمة لتفجير اجتماعي واسع".

ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، تم تهجير أكثر من 6,400 فلسطيني قسرًا منذ أكتوبر 2023 بسبب هدم منازلهم، بينما أدت العمليات العسكرية في شمال الضفة إلى نزوح نحو 40 ألف فلسطيني من مخيمات جنين وطولكرم نتيجة العمليات الإسرائيلية المكثفة منذ مطلع العام الجاري.